نشر موقع ميدل إيست آي مقالًا للكاتب جون هولموود يناقش فيه كيف أصبحت قضايا حماية الأطفال واندماج المسلمين في بريطانيا رهينة لخطابات إعلامية وسياسات منحازة، تفتقر إلى الفعل الجاد وتعتمد على خلق ذعر أخلاقي تجاه المسلمين.

استمرت وسائل الإعلام البريطانية، اليمينية منها والليبرالية، في تكرار خطاب يفيد بأن المسلمين في بريطانيا فشلوا في الاندماج. تكرّر التحذير من أن المسلمين يعيشون حياة معزولة، بعيدة عن "القيم البريطانية". رافق هذا الخطاب تقارير رسمية تصدر غالبًا استجابة لحملات إعلامية، فتوجه السياسة العامة نحو ما يُصوَّر كتهديدات على السلامة العامة.

من بين أخطر هذه القضايا تلك التي تتعلق بالأطفال. يُزعم من ناحية، أن بعض الشباب المسلم عرضة للتطرف بسبب نقص في "القيم البريطانية"، ومن ناحية أخرى، يُتهم بعض الرجال المسلمين بتشكيل "عصابات استدراج" تستهدف الفتيات البيض، رغم أن البيانات لا تدعم هذا الادعاء.

أُلقي اللوم على السلطات المحلية والشرطة والعاملين الاجتماعيين، بزعم أنهم ترددوا في التحرك خشية اتهامهم بالعنصرية. استُخدم هذا التبرير لتفسير "الاستجابة الضعيفة" لما سُمِّي بـ"مؤامرة حصان طروادة" في برمنجهام، والتي اتُّهم فيها مدرسون ومسؤولون مسلمون بالسعي للسيطرة على المدارس ونشر أفكار متطرفة.

ردّت الحكومة بقوة من خلال إدخال سياسة Prevent عام 2015، وفرض تعليم "القيم البريطانية الأساسية" في المدارس، ما افترض ضمنًا أن غير البريطانيين بطبيعتهم يفتقرون إلى هذه القيم – وهو افتراض أبطله البحث.

المفارقة أن استطلاعات الرأي الاجتماعي، كمثيلتها من المركز الوطني للبحوث الاجتماعية، أظهرت أن المسلمين في بريطانيا هم الأقرب إلى المعدل الوطني في التزامهم بما يُسمى بالقيم البريطانية. رغم ذلك، تصاعدت الشكوك تجاه المسلمين، خاصة بين العاملين في مجال السياسة العامة.

فيما يتعلق باستغلال الأطفال جنسيًا، تحوّلت مسألة "الخوف من اتهامات العنصرية" إلى شماعة مناسبة لتبرير الإهمال في حماية الضحايا. ركّز الإعلام على هوية الجناة (الذين ينبغي بالطبع محاسبتهم بالقانون)، بدلًا من التركيز على الأسباب الجذرية، وهي الإهمال المؤسسي وفشل الرعاية الاجتماعية.

تقرير البارونة كايسي بيّن أن السلطات المعنية فشلت مرارًا، دون أن تُنفَّذ التوصيات السابقة التي هدفت إلى معالجة جذور المشكلة. ومع ذلك، ظلت الهوية الدينية والعرقية للجناة هي محور الخطاب السياسي والإعلامي.

تولى وزارة التعليم المسؤولية عن حماية الأطفال من الاستغلال والتطرف، منذ صدور قانون الأطفال عام 2004. ورغم وجود تقارير وتحقيقات عديدة (من بينها تقارير مكتب معايير التعليم وخدمات الأطفال والمهارات ومفوضة الأطفال)، لم يُتخذ أي إجراء جاد ينفّذ ما أوصت به هذه الدراسات، بل ساد تجاهل ممنهج.

في "قضية حصان طروادة"، استُهدف مدرسون وقادة مدارس ناجحين، واتُّهموا بالمشاركة في مؤامرة. لكن الحقيقة أن المدرسة المركزية في القضية، بارك فيو، كانت قد حققت نتائج مذهلة واعتُمدت لتُصبح نموذجًا يحتذى. المعلمون الذين أنقذوا المدرسة من الفشل، فقدوا وظائفهم لاحقًا، رغم سقوط القضايا ضدهم.

لم تُقدَّم أي اتهامات بالتطرف في المحاكم، رغم ما ذكره تقرير كلارك، كما لم تُظهر ممارسات المدرسة أي مخالفة قانونية. ما حدث كان نتيجة إخفاق قانوني من محامي الحكومة، ما أدى إلى انهيار القضية برمتها.

ورغم كل ذلك، قُدّمت القضية على أنها دليل على فشل التعددية الثقافية، واستُخدمت كمبرر لتشديد سياسات الهوية والرقابة. مراجعة دام لويز كايسي عام 2016 ساهمت في هذا الخطاب، رغم أن المتهمين أصروا أنهم كانوا يعملون لصالح الطلاب، وأن الاتهامات ضدهم مُلفَّقة.

ما يثير القلق هو أن الحكومة استجابت بقوة لقضية حصان طروادة، لكنها لم تتحرك بالحماسة نفسها تجاه حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي. بدلًا من معالجة الخلل المؤسسي، وسّعت سياسة Prevent لتشمل حتى رياض الأطفال، وطبّقتها بقوة على الأطفال المسلمين.

منذ الأزمة المالية عام 2008، وُضِعَت السلطات المحلية تحت ضغط مالي شديد، وأُضعِفت إدارات خدمات الأطفال. كما أضعف برنامج تحويل المدارس إلى أكاديميات علاقة المدارس بنظام حماية الطفل، ما فاقم المشكلة.

أظهرت التقارير أن الأطفال المُستغَلّين جنسيًا كانوا غالبًا من الأطفال المفقودين من الرعاية أو المدرسة. رغم ذلك، لم يُجمَع ما يكفي من بيانات، ولم تُتّخذ إجراءات كافية.

بينما استمر الجهد الحكومي المكثف "لحماية" الأطفال من خطر التطرف المزعوم، أهملت الدولة حمايتهم من الخطر الحقيقي: الاستغلال الجنسي.

رفض الحكومة لإجراء تحقيق وطني في "عصابات الاستدراج" يبدو متعمدًا، خوفًا من كشف فشلها في حماية الأطفال، وإصرارها على ربط الاستغلال بهوية الجناة، لا بخلل النظام.

في النهاية، يطرح الكاتب سؤالًا مؤلمًا:إذا كانت السياسة الوطنية تُبنى على ازدراء المسلمين البريطانيين وتجاهل ضحايا الاستغلال الجنسي من الأطفال، فإلى أي مستقبل نمضي؟

https://www.middleeasteye.net/opinion/grooming-gangs-vs-trojan-horse-affair-poisoned-politics-muslim-integration